مقالات وأراء

وزير الأوقاف يكتب .. خدمة الدين لا استخدامه

خدمة الدين شرف عظيم ، وهي مهمة الأنبياء والرسل ، والعلماء العاملين ، والمؤمنين المخلصين ، يقول الحق سبحانه : ” وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ” ، فالدعوة هنا إلى الله ولله ، لا إلى طائفة أو إلى جماعة أو إلى جمعية أو حزب ، فالدين لله عز وجل والدعوة لا تكون إلا له وإليه ، والمساجد لله عز وجل ، فلا ينبغي أن نخرج بها عن مهمتها إلى الاستخدام النفعي أو الدنيوي العاجل ، أو تحقيق المصالح الخاصة ، يقول رب العزة : ” وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ” ، فإخراج المساجد عن كونها لله عز وجل وإليه ، وإلباسها ثوبا غير ثوبها ، وشغلها بما يؤشر إلى انتماء معين أو جهة معينة أو جماعة معينة أو فكر معين هو خروج بها عما شرعت له .

وينبغي في العمل الديني الشرعي إخلاص النية إخلاصًا كاملا لله عز وجل لا يداخله غرض آخر ،  يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرى ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ” ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” من عمل عملا أشرك فيه غير الله فليطلب أجره من غير الله ، فإن الله عز وجل أغنى الشركاء عن الشرك ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” لا يقولن أحدكم هذا لله وللرحم فهو للرحم ليس لله عز وجل منه شيئ ولا يقولن أحدكم هذا لله ولوجوهكم فإنه لوجوهكم ليس لله عز وجل منه شيئ “‏ .

وقد ابتلى ديننا الحنيف بأناس يتاجرون به حزبيا ، وطائفيا ، وانتخابيا ، وحتى دعويا ، فهناك من يحاول أن يجند الناس باسم الدين والدعوة إلى الدين لمصالح حزبية أو تحقيق مكاسب انتخابية بذريعة أن هؤلاء هم من سيحمون دين الله عز وجل .

وهناك من يستخدمه طائفيا لتجييش عواطف طائفة ما ضد طائفة أخرى من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية ، وقد ذكرت في أكثر من موقف أننا ليس لدينا أي عقد تجاه أصحاب المذاهب المختلفة طالما أن الأمر لا يعدو حرية اختيار المذهب أو المعتقد ، أما أن توظف بعض الطوائف أتباعها لخدمة أهداف وملفات سياسية فهذا هو الخطر الداهم ، على نحو ما يفعله الإيرانيون في التسلل المذهبي والعمل على نشر التشيع في المجتمعات السنية ، ويبدو الأمر في بداياته على أنه أمر عقدي وقناعات فكرية لا علاقة لها بالسياسة ، ثم سرعان ما تنكشف الحقائق بالأطماع السياسية بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل ، وعندما تحدث بعض المقربين من أركان الحكم الإيراني عن السيطرة على أربع عواصم عربية لم نسمع أي استنكار رسمي من إيران أو أتباعها بالدول المذكورة ، وكأن هذا أمر موجه يدفع به كوسيلة لمعرفة مدى قوة رد الفعل العربي السني ، ثم تبني إيران وأتباعها خطواتها التالية على ما يكون من رد الفعل العربي ، لكن رد الفعل العربي هذه المرة كان واضحا وحاسما ومباشرًا ، وجاء فعلا لا قولا في عاصفة الحزم التي خرجت في روح عربية جديدة وشجاعة ومدركة لخطورة هذا التحدي الإيراني البشع ، وللمخططات التي لا يخفى فيها الربط بين الملف النووي الإيراني والنفوذ الإيراني في المنطقة ، وقد لا نستبعد المقايضات السياسية ، فحتى إذا لم تجن إيران مكاسب في ملفها النووي فإنه يمكن لها أن تجني مكاسب فيما يتصل بنفوذها في المنطقة ، ومع أننا ليس من شأننا الاعتداء أو التدخل في شئون الآخرين أو إقحام أنفسنا فيما بين الآخرين ، فإن أمننا الوطني والعربي والقومي خط أحمر ولا مجال للمفاصلة فيه أو السماح بالتدخل في شئونه .

ويجب أن يعلم القاصي والداني أن الأمة العربية بقياداتها الواعية قادرة على تأمين أبنائها من أي غزو سياسي أو فكري ، كما أنها قادرة على حماية أمنها القومي وحماية أرضها وسمائها وترابها ، ومع ذلك فأيدينا جميعًا ممتدة للسلام العادل والتسويات العادلة والاحترام المتبادل بين الناس والشعوب شريطة ألا يكون ذلك شكليا ، وأن تكون هناك قناعات بأن نخلي بين الناس وبين ربهم فيما يختارون ويعتقدون ، ويجب ألا يحاول أي طرف أن يلعب بورقة الدين فهي ورقة محرقة شديدة الإحراق لمن يلعب بها  أو يناور .

وإننا نؤكد أن خير مصر يسع جميع أبنائها ، وخير الأمة العربية يسع جميع أبنائها ، وخير المنطقة يسع جميع أبنائها ، وخير الله يسع الإنسانية كلها ، لو كان سبيلُنا التعاون والتكامل والتراحم لا محاولات الإبادة أو الإقصاء أو القهر أو الهيمنة الكاذبة ، وكان طريقنا هو العمل الجاد الدءوب والبناء لا الهدم .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »